فصل: تفسير الآيات (24- 25):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وسيقت أيضًا مساق الحجة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى عناد قومه بذكر مثال لحالهم مع رسولهم بحال عاد مع رسولهم.
و لها أيضًا موقع التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم على ما تلقاه به قومه من العناد والبهتان لتكون موعظة وتسلية معا يأخذ كل منها ما يليق به.
و لا تجد كلمة أجمع للمعنيين مع كلمة {اذكر} لأنها تصلح لمعنى الذكر اللساني بأن يراد أن يذكر ذلك لقومه. ولمعنى الذُكر بالضم بأن يتذكر تلك الحالة في نفسه وإن كانت تقدمت له وأمثالها لأن في التذكر مسلاة وإسوة كقوله تعالى: {اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الآيد} في سورة ص (17).
وكلا المعنيين ناظر إلى قوله آنفًا {قل ما كنت بدعًا من الرسل} فإنه إذا قال لهم ذلك تذكروا ما يعرفون من قصص الرسل مما قصّه عليهم القرآن من قبل وتذكر هولا محالة أحوال رسل كثيرين ثم جاءت قصة هود مثالًا لذلك.
ومشركومكة إذا تذكروا في حالهم وحال عاد وجدوا الحالين متماثلين فيجدر بهم أن يخافوا من أن يصيبهم مثل ما أصابهم.
والاقتصار على ذكر عاد لأنهم أول الأمم العربية الذين جاءهم رسول بعد رسالة نوح العامة وقد كانت رسالة هود ورسالة صالح قبل رسالة إبراهيم عليهم السلام. وتأتي بعد ذكر قصتهم إشارة إجمالية إلى أمم أخرى من العرب كذبوا الرسل في قوله تعالى: {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى} [الأحقاف: 27] الآية.
وأخوعاد هو هود وتقدمت ترجمته في سورة الأعراف.
وعبّر عنه هنا بوصفه دون اسمه العلَم لأن المراد بالذكر هنا ذكر التمثيل والموعظة لقريش بأنهم أمثال عاد في الإعراض عن دعوة رسول من أمتهم.
والأخ يراد به المشارك في نسب القبيلة. يقولون: يا أخا بني فلان. ويا أخا العرب. وهو المراد هنا وقد يراد بها الملازم والمصاحب. يقال: أخوالحرب وأخوعزمات.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة «أنت أخونا ومولانا» وهو المراد في قوله تعالى: {كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون} [الشعراء: 160. 161].
ولم يكن لوط من نسب قومه أهل سَدُوم.
و{إذْ أنذر} اسم للزمن الماضي. وهي هنا نصب على البدل من أخا عاد. أي اذكر زمن إنذاره قومه فهي بدل اشتمال.
وذكر الإنذار هنا دون الدعوة أو الإرسال لمناسبة تمثيل حال قوم هود بحال قوم محمد صلى الله عليه وسلم فهو ناظر إلى قوله تعالى في أول السورة {والذين كفروا عما أنذروا معرضون} [الأحقاف: 3].
والأحقاف: جمع حِقْف بكسر فسكون. وهو الرمل العظيم المستطيل وكانت هذه البلاد المسماة بالأحقاف منازل عاد وكانت مشرفة على البحر بين عمان وعدن.
وفي منتهى الأحقاف أرض حضرموت. وتقدم ذكر عاد عند قوله تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا} في سورة الأعراف (65).
وجملة {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه} معترضة بين جملة {أنذر} وجملة {أن لا تعبدوا إلا الله} المفسرة بها.
وقد فسرت جملة {أنذر} بجملة {لا تعبدوا إلا الله} الخ.
و (أن) تفسيرية لأن {أنذر} فيه معنى القول دون حروفه.
ومعنى {خلت النذر} سبقت النذر أي نذر رسل آخرين.
والنذر: جمع نِذارة بكسر النون.
و{من بين يديه ومن خلفه} بمعنى قريبًا من زمانه وبعيدًا عنه. فـ: {مِن بين يديه} معناه القرب كما في قوله تعالى: {إن هو الا نذير لكم بين يدي عذاب شديد} [سبأ: 46]. أي قبل العذاب قريبًا منه قال تعالى: {وقرونًا بين ذلك كثيرًا} [الفرقان: 38]. وقال: {ورسلًا لم نقصصهم عليك} [النساء: 164].
وأما الذي من خلفه فنوح فقد قال هود لقومه {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح} [الأعراف: 69]. وهذا مراعاة للحالة المقصود تمثيلها فهو ناظر إلى قوله تعالى: {قل ما كنت بِدْعا من الرسل} [الأحقاف: 9] أي قد خلت من قبله رسل مثل ما خلت بتلك.
وجملة {إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} تعليل للنهي في قوله: {أن لا تعبدوا إلا الله}. أي إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم بسبب شرككم.
وعذاب اليوم العظيم يحتمل الوعيد بعذاب يوم القيامة وبعذاب يوم الاستئصال في الدنيا. وهو الذي عجّل لهم.
ووصف اليوم بالعظم باعتبار ما يحدث فيه من الأحداث العظيمة. فالوصف مجاز عقلي.
{قالوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ الِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22)}.
جواب عن قوله: {أن لا تعبدوا إلا الله} [الأحقاف: 21]. و لذلك جاء فعل {قالوا} مفصولا على طريق المحاورة.
والاستفهام إنكار.
والمجيء مستعار للقصد بطلب أمر عظيم. شبه طروالدعوة بعد أن لم يكن يدعوبها بمجيء جاء لم يكن في ذلك المكان.
والأفك بفتح الهمزة: الصرَّف. وأرادوا به معنى الترك. أي لنترك عبادة الهتنا.
وهذا الأنكار تعريض بالتكذيب فلذلك فرع عليه {فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} فصرحوا بتكذيبه بطريق المفهو م.
والمعنى: ائتنا بالعذاب الذي تَعِدنا به. أي عذاب اليوم العظيم. وإنما صرَفوا مراد هود بالعذاب إلى خصوص عذاب الدنيا لأنهم لا يؤمنون بالبعث وبهذا يؤذن قوله بعده {فلما رأوه عارضًا} [الأحقاف: 24] وقوله: {بل هو ما استعجلتم به} [الأحقاف: 24].
وأرادوا: ائتنا به الأن لأن المقام مقام تكذيب بأن عبادة الهتهم تجر لهم العذاب.
و{من الصادقين} أبلغ في الوصف بالصدق من أن يقال: إن كنت صادقًا. كما تقرر في قوله تعالى: {وكان من الكافرين} في سورة البقرة (34). أي إن كنت في قولك هذا من الذين صدَقوا. أي فإن لم تأت به فما أنت بصادق فيه.
{قال إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ ولكني أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23)}.
لما جعلوا قولهم: {فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} [الأحقاف: 22] فصْلا بينهم وبينه فيما أنذرهم من كون عبادة غير الله توجب عذاب يوم عظيم. كان الأمر في قولهم {فأتنا} مقتضيًا الفور. أي طلب تعجيله ليدل على صدقه إذ الشأن أن لا يتأخر عن إظهار صدقه لهم.
وإسناد الإتيان بالعذاب إليه مجاز لأنه الواسطة في إتيان العذاب أن يدعوالله أن يعجّله. أوجعلوا العذاب في مكنته يأتي به متى أراد. تهكما به إذ قال لهم إنه مرسل من الله فجعلوا ذلك مقتضيًا أن بينه وبين الله تعاونًا وتطأو عا. أي فلا تتأخر عن الإتيان به.
وقد دل على هذا الاقتضاء قوله لهم حين نزول العذاب {بل هو ما استعجلتم به} [الأحقاف: 24] فلذلك كان جوابه أنْ قال: {إنما العلم عند الله} أي علم وقت إتيان العذاب محفوظ عند الله لا يطلع عليه أحد. فالتعريف في {العلم} للاستغراق العرفي. أي علم المغيبات. أو التعريف عوض عن المضاف إليه. أي وقت العذاب.
صلى الله عليه وسلم وهذا الجواب يجري على جميع الاحتمالات في معنى قولهم: {فأتِنا بما تَعِدُنا} لأن جميعها يقتضي أنه عالم بوقته.
والحصر هنا حقيقي كقوله: {لا يُجَلِّيها لوقتها إلا هو} [الأعراف: 187] والمقصود من هذا الحصر شمو له نفي العلم بوقت العذاب عن المتكلم ردًا على قولهم: {فأتنا بما تعدنا}.
و{عند} هنا مجاز في الأنفراد بالعلم. أي فالله هو العالم بالوقت الذي يرسل فيه العذاب لحكمة في تأخيره.
ومعنى {وأبلغكم ما أرسلت به} أنه بُعث مبلغًا أمر الله وإنذاره ولم يُبعث للإعلام بوقت حلو ل العذاب كقوله تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها فِيمَ أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها} [النازعات: 42 45]. فقوله: {أبلغكم ما أرسلت به} جملة معترضة بين جملة {إنما العلم عند الله} وجملة {ولكني أراكم قومًا تجهلون}.
وموقع الاستدراك بقوله: {ولكني أراكم قومًا تجهلون} أنه عن قوله: {إنما العلم عند الله}. أي ولكنكم تجهلون صفات الله وحِكمة إرساله الرسل. فتحسبون أن الرسل وسائط لأنهاء اقتراح الخلق على الله أن يريهم العجائب ويساجلهم في الرغائب. فمناط الاستدراك هو معمول خبر (لكنّ) وهو {قومًا تجهلون}. والتقدير: ولكنكم قوم يَجهلون. فإدخال حرف الاستدراك على ضمير المتكلم عدو ل عن الظاهر لئلا يبادرهم بالتجهيل استنزالًا لطائرهم. فجعل جهلهم مظنونًا له لينظروا في صحة ما ظنه من عدمها.
وإنما زيد {قومًا} ولم يقتصر على {تجهلون} للدلالة على تمكن الجهالة منهم حتى صارت من مقوّمات قوميتهم و للدلالة على أنها عمت جميع القبيلة كما قال لوط لقومه {أليس منكم رجل رشيد} [هود: 78].
وقرأ الجمهور {وأبلّغكم} بتشديد اللام.
وقرأه أبو عمرو بتخفيف اللام.
يقال: بلّغ الخبر بالتضعيف وأبلغه بالهمز. إذا جعله بالغًا. اهـ.

.تفسير الآيات (24- 25):

قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هو ما اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما تسبب عن قولهم هذا إتيان العذاب فأتاهم في سحاب أسود. استمروا على جهلهم وعادتهم في الأمن وعدم تجويز الأنتقام. وكأن إتيانه كان قريبًا من استعجالهم به. فلذلك أتى بالفاء في قوله مسببًا عن تكذيبهم مبينًا لعظيم جهلهم بجهلهم في المحسوسات. مفصلًا لما كان من حالهم عند رؤية البأس: {فلما رأوه} أي العذاب الذي يعدهم به {عارضًا} أي سحابًا أسود بارزًا في الأفق ظاهر الأمر عند من له أهلية النظر. حال كونه قاصدًا إليهم {مستقبل أوديتهم} أي طالبًا لأن يكون مقابلًا لها وموجدًّا لذلك. وهو وصف لعارضًا فهو نكرة إضافته لفظية وإن كان مضافًا إلى معرفة. وكذا {ممطرنا} {قالوا} علىعادة جهلهم مشيرين إليه بأداة القرب الدالة على أنهم في غاية الجهل. لأن جهلهم به استمر حتى كاد أن يواقعهم: {هذا عارض} أي سحاب معترض في عرض السماء أي ناحيتها {ممطرنا} لكونهم رأوه أسود مرتادًا فظنوه ممتلئًا ماء يغاثون به بعد طو ل القحط وإرسال رسلهم إلى مكة المشرفة ليدعوا لهم هنالك الله الذي استخفوا به بالقدح في ملكه بأن أشركوا به من هودونهم. علمًا منهم بأن شركاءهم لا تغني عنهم في الإمطار شيئًا. غافلين عن ذنوبهم الموجبة لعذابهم. فلذلك قال الله تعالى مضربًا عن كلامهم. والظاهر أنه حكاية لقول هود عليه الصلاة والسلام في جواب كلامهم: {بل هو} أي هذا العارض الذي ترونه {ما استعجلتم به} أي طلتم العجلة في إتيانه إليكم من العذاب.
ولما اشتد تشوف السامع إلى معرفته قال: {ريح} أي ركمت هذا السحاب الذي رأيتموه {فيها عذاب أليم} أي شديد الآيلام. كانت تحمل الظعينة في الجوتحملها وهودجها حى ترى كأنها جرادة. وكانوا يرون ما كان خارجًا عن منازلهم من الناس والمواشي تطير بهم الريح بين السماء والأرض ثم تقذف بهم {تدمر} أي تهلك إهلاكًا عظيمًا شديدًا سريعًا تأتي بغتة على طريق الهجوم {كل شيء} أي أتت عليه. هذا شأنها فمن سلم منها كهود عليه الصلاة والسلام ومن امن به- رضى الله عنه- م فسلامته أمر خارق للعادة كما أن أمرها في إهلاك كل ما مرت عليه أمر خارق للعادة. والجملتان يحتمل أن تكونا وصفًا لريح ويحتمل وهو أعذب وأهز للنفس وأعجب أن تكونا استئنافًا. ولما كان ربما ظن ظان أنها مؤثرة بنفسها قال: {بأمر ربها} أي المبدع لها والمربي والمحسن بالأنتقام بها من أعدائه.
ولما ذكرها بهذا الذكر الهائل. وكان التقدير: جاءتهم فدمرتهم لم تترك منهم أحدًا. سبب عن ذلك زيادة في التهويل قوله: {فأصبحوا} ولما اشتد إصغاء السامع إلى كيفية إصباحهم. قال مترجمًا لهلاكهم: {لا ترى} أي أيها الرائي. فلما عظمت روعة القلب وهول النفس قال تعالى: {إلا مساكنهم} أي جزاء على إجرامهم. فانطبقت العبارة على المعنى. وعلم أن المراد بالإصباح مطلق الكون. ولكنه عبر به لأن المصيبة فيه أعظم. وعلم أنه لم يبق من المكذبين ديار ولا نافخ نار. وهذا كناية عن عموم الهلاك لهم سواء كان الرمل دفنهم أو على وجه الأرض مرتبين كما في الآية الآخرى.
{فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} [الحاقة: 7] وروي أن هودا عليه الصلاة والسلام لما أحس بالريح اعتزل بمن امن معه في حظيرة فأمالت الريح على الكفرة الأحقاف التي كانت مجتمعهم إذا تحدثوا ومحل بسطهم إذا لعبوا. فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام. ثم كشفت عنهم فاحتملتهم فقذفتهم في البحر وكذا أهلكت مواشيهم وكل شيء لهم فيه روح ولم يصب هودا عليه الصلاة والسلام ومن معه- رضى الله عنه- م منها إلا ما لين أبشارهم ونعش أرواحهم. والآية على هذا على حقيقتها في أنه لم يصبح الصباح ومنهم أحد يرى.
ولما طارت لهذا الهو ل الأفئدة واندهشت الألباب. قال تعالى منبهًا على زبدة المراد بطريق الاستئناف: {كذلك} أي مثل هذا الجزاء الهائل في أصله أوجنسه أونوعه أوشخصه من الأهلاك {نجزي} بعظمتنا دائمًا إذا شئنا {القوم} وإن كانوا أقوى ما يكون {المجرمين} أي العريقين في الإجرام الذين يقطعون ما حقه الوصل فيصلون ما حقه القطع. وذلك الجزاء هو الأهلاك على هذا الوجه الشنيع. فاحذروا أيها العرب مثل ذلك إن لم ترجعوا. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ثم قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ}.
ذكر المبرّد في الضمير في رأوه قولين أحدهما: أنه عائد إلى غير مذكور وبينه قوله: {عَارِضًا} كما قال: {مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} [فاطر: 45] ولم يذكر الأرض لكونها معلومة فكذا هاهنا الضمير عائد إلى السحاب. كأنه قيل: فلما رأوا السحاب عارضًا وهذا اختيار الزجاج ويكون من باب الإضمار لا على شريطة التفسير والقول الثاني: أن يكون الضمير عائدًا إلى ما في قوله: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} أي فلما رأوا ما يوعدون به عارضًا. قال أبوزيد العارض السحابة التي ترى في ناحية السماء ثم تطبق. وقوله: {مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} قال المفسرون كانت عاد قد حبس عنهم المطر أيامًا فساق الله إليهم سحابة سوداء فخرجت عليهم من وادٍ يقال له المغيث {فَلَمَّا رَأَوْهُ مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} استبشروا و{قالواْ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} والمعنى ممطر إيانا. قيل كان هود قاعدًا في قومه فجاء سحاب مكثر فقالوا {هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} فقال: {بَلْ هو ما استعجلتم بِهِ} من العذاب ثم بيّن ماهيته فقال: {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.